وقال «الذّوادي» ان عمليات النهب التي تقوم بها شركات دولية كشفها تقرير الرابطة «الكاثولوكية»ضد الجوع تحت عنوان «الاقتصاد فقد البوصلة» والذي يكشف الجرائم التي ترتكبها هذه الشركات في حق البلدان الفقيرة، مؤكدا ان تونس مذكورة في هذا التقرير، مشيرا إلى انه توجد اليوم عدة شركات تونسية منتصبة في «جزر موريس» و«تايلندا» و«باناما» وهذه الشركات تستنزف مواردنا من العملة الصعبة ، وتتعامل مع ما يسمّى بـ«الجنان الضريبيّة» وهي أوكار مختصة في تبييض الأموال وترسل فواتير إلى البنك المركزي مقابل إستشارات وخدمات وهمية ، مضيفا ان هناك رجال أعمال تونسيين ينتصبون بالمنطقة الحرة بالإمارات ومختصون في تهريب العملة الصعبة بنفس الطريقة اي مقابل دراسات وإستشارات ومساعدة فنية. وذكّر «الذوّادي» بالقضايا المرفوعة مؤخرا في هذا الصدد والتي جاءت بعد التفطن إلى شركات مختصة في تبييض الأموال.
وأضاف ان الفواتير «الصورية» تقدّر بآلاف المليارات وان هناك أموالا مشبوهة تدخل وتخرج من تونس وعلى ضوئها تستنزف مواردنا من العملة الصعبة، مؤكدا ان لا أحد يحرّك ساكنا، وأنه لم تبادر أيّة جهة بتحديد قائمة في هؤلاء المتورطين رغم ان الفواتير موثقة لدى البنك المركزي.
وقال الذوادي «سبق وقدّمنا مقترحا ضمن قانون المالية التكميلي لسنة 2012 للقضاء على «الفواتير الصورية» لأنها لا تحصل في البلدان الأجنبية»، وأضاف: «استقينا بعض التشريعات من تجربة «الكامرون» إلا أننا وجدنا رفضا كبيرا من الحزب الحاكم».
نهب الملح التونسي ؟
واعتبر «الذوّادي» ان الموارد المنجمية والطبيعية تنهب على مرأى الجميع وبمقتضى لزمات تعود إلى العهد البائد ومنها «الملح» المتواجد في الساحل والجنوب وشط الجريد. وأضاف ان أحد المهندسين المختصين قدّر الخسارة بنحو 4 آلاف مليار سنويا ، مشيرا إلى ان الملح التونسي يباع بأسعار خيالية في الخارج بإعتباره «ملحا بيولوجيا» مؤكدا ان هذا المهندس منح نسخة من تقريره لرئيس الجمهورية وأخرى لرئيس الحكومة السابق وكشف طرق نهب الملح التونسي.وأضاف أنّ أغلب «اللزمات» وبنسبة 99 في المائة فاسدة، وتمت في ظروف مشبوهة وأنه إلى حد اليوم يتم التكتم على الشركات الأجنبية التي تنهب الثروات الطبيعية.
وأضاف انه طالب بمعية مجموعة من الخبراء بجرد ومراجعة تلك اللزمات مثلما فعلت «ليبيا» ولكن طلبه جُوبه بالرفض.
وأكد «الذوّادي» ان هناك رخصا في البحث عن الذهب والمعادن النفيسة وان هناك شركات تبحث في الشمال والقيروان عن المعادن النفيسة وأنها أصبحت بمثابة «الصندوق الأسود» حيث لا توجد أيّة معلومات عنها ولا يعرف مآلها ، مشيرا إلى ان المرسوم عدد 41 لسنة 2011 والمتعلق بالحق في النفاذ إلى المعلومة يفرض ان تضع الدولة وعلى ذمة العموم وعبر شبكة الأنترنات قائمة أصول الدولة ومن بينها المناجم والغاز وآبار النفط .
وقال ان وزارة الصناعة تتكتم على المعلومات ، مؤكدا ان آليات الرقابة معطلة وان كل العقود تمضى في كنف الغموض والكتمان.
نهب مقاطع الرخام
وأشار الذوّادي إلى ان هناك تجاوزات كبيرة في مقاطع الرخام وان أغلب الشركات لا تحترم كراس الشروط وأنّ الرقابة غائبة ، وقال ان بعض التراخيص الممنوحة في هذا المجال فاسدة وأنها منحت سابقا للموالين للطرابلسية ولبن علي وأنه إلى حدّ الآن لم تقع مراجعة هذه اللزمات.
ماذا عن المحروقات؟
وفي ما يتعلق بالشركات المختصة في مجال المحروقات قال انها تعتمد على آلية أسعار التحويل وتتمثل هذه الآلية في تضخيم الأعباء وهو ما فسح المجال لنهب مواردنا الطبيعية، مشيرا إلى أنّ هذا النهب استمر عشرات السنين وأكدّ ان عمليات النهب لا زالت متواصلة إلى اليوم .وقال ان آليات المصادقة على الأعباء ومراقبتها مشلولة إلى حد الآن، موضحا ان الشركات الأجنبية المختصة في النهب تضخم الأعباء وتتهرب من الجباية وهو ما يمكنها من دفع أقل قدر من الضرائب.
وتساءل «الذوادي» لماذا لم يتم إصدار قوانين لمراجعة الفواتير الصورية ومراقبة الأعباء؟ وأشار إلى ان دائرة المحاسبات كشفت في 2012 جرائم خطيرة وخصوصا في مجال المحروقات وأنه لم يفتح أي تحقيق وأن الأطراف التي تدعي محاربة الفساد لا تحرك ساكنا. مضيفا ان تصريحات وزير الصناعة السابق في مجال إنتاج تونس من النفط متضاربة.
وأكدّ محدثنا ان اغلب الشركات الأجنبية التي تنهب ثرواتنا هي أوروبية وأشار الى ان هناك أطرافا أجنبية تدخلت بعد 14 جانفي لحماية عمليات النهب التي تقوم بها شركاتها وتم تحصينها ، مشيرا إلى ان هناك عديد الملفات كشفها المرحوم «عبد الفتاح عمر» وان الأطراف المتورطة مكشوفة وأنه تمّ تقديم «المنصف الطرابلسي» ككبش فداء لحماية بقية الأطراف والعصابات الخارجية والداخلية المتواطئة معها.