آلاف الشباب يموتون على سواحل البحر المتوسط في طريقهم للهجرة من مصر إلى إيطاليا بصفة خاصة، يتعذبون على مراكب غير آدمية للوصول إلى أرض الأحلام التي يأملون فيها بتحقيق أحلامهم.
لكن، مع مسلمي الروهينجا الأمر لا يتعلق بهدف تحقيق أحلام النجاح أو الثراء؛ بل هو في الحقيقة مسألة بقاء، حياتهم وحياة أطفالهم تتوقف على الهروب من الاضطهاد الكبير الذي يلاقونه في بلادهم التي لا تعترف بهم، ولا في حقهم في التعليم، والسفر، والمواطنة والتصويت.
فعلى حسب زعم الحكومة العسكرية أن هؤلاء من المهاجرين البنغال الغير المرغوب فيهم و قد كانوا قي معاناة مستمرة في البحث عن الملجأ
كان النزوح من راخين في اتجاه بعض الدول المجاورة هربًا من الاضطهاد قد ازداد بكثافة بعد سحب الحكومة لبطاقات الهوية المؤقتة التي كانت أصدرتها لهم في وقت سابق، مما أنذرهم بازدياد حملات الاضطهاد والتنكيل التي قد تصل في بعض الأحيان إلى الاعتداء الجسدي وتضييق المعيشة.
هؤلاء الذين انتهى بهم العنف الطائفي للتشرد في خيام غير صالحة للحياة، يعانون من شظف العيش، وقعوا فريسة سهلة للمهربين الذين ألقوا بهم على متن قوارب بائسة في البحر جنوب شرق آسيا، بلا زاد أو ماء، يتنقلون من سواحل دولة إلى أخرى طالبين حق اللجوء.
الأزمة ازدادت مؤخرًا بتمنع الدول المجاورة، إندونيسيا وماليزيا وتايلاند، عن استقبال المزيد من اللاجئين، حتى إن مفوضية حقوق الإنسان الماليزية قد دعت الحكومة إلى التوقيع على اتفاقية جنيف لعام 1951 الخاصة باللاجئين والبرتوكول الملحق بها عام 1967. وقال رئيس المفوضية “عزمي أكام” إن عدم توقيع ماليزيا لا يعفيها من مسؤولياتها تجاه اللاجئين؛ لأنها موقعة على اتفاقيات لرعاية الأطفال والنساء والمعاقين.
و في الأحداث الأخيرة من هذه القضية ذكرت تقارير صحفية أن حوالي 400 لاجئ من مسلمي الروهينجا في ميانمار بين الحياة والموت على متن قارب صيد خشبي في بحر أندامان، وهم في أمس الحاجة إلى الغذاء والماء.
وقد ذكرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز عن مسؤولين بمنظمة “هيومان رايتس ووتش” أنه عندما اقترب أحد تلك القوارب من السواحل الإندونيسية؛ تم إمداده بطعام وماء قبل توجيهه صوب ماليزيا، التي أعلنت بدورها أنها ستغلق سواحلها أمام كافة القوارب من هذا القبيل، أما تايلاند فقد عرضت التمويل بالوقود والطعام والماء قبل ردها بعيدًا عن شواطئها.
وأعلنت بورما، التي يقيم بها 1.3 مليون من الروهينجيا، أن “المسألة لا تعنيها”؛ وهددت بمقاطعة القمة التي تنظمها تايلاند بحضور 15 دولة في 29 مايو الحالي، بعد دعوة من الولايات المتحدة إلى حل إقليمي، وفق ما نقلته وكالة “فرانس برس”.
وقال مدير المكتب الرئاسي في ميانمار، زاو هتاي، إن رئيس البلاد لن يحضر القمة إذا استُخدمت كلمة “روهينجا” في الدعوة؛ لأنَّ بلاده لا تعترف بهم. وأضاف لوكالة “أسوشيتد برس”: “نحن لا نتجاهل مشكلة المهاجرين ولكننا لن نقبل ادعاء البعض أن ميانمار هي مصدر المشكلة”.
وتواجه الدول الثلاث ضغوطًا دولية لاستقبال اللاجئين؛ فأعلنت ماليزيا استعدادها للتفاهم وحل المشكلة، حيث سيستقبل الوزير الماليزي “أنيفا آمان” نظيرته الإندونيسية “ريتنو مرسودي” ثم الوزير التايلاندي “تنساك باتيمابراغورن”؛ في إطار لقاءات للدول المتأثرة من أعداد المهاجرين قبل القمة في بانكوك. كما أكد سكرتير الدولة البنغالي المكلف بالشؤون الخارجية أن أزمة الروهينجا انطلقت من بورما وعليها إيجاد حل لها.
ودعا مسؤولون في منظمات تهتم بالعمل الإنساني غير الحكومي إلى توفير طواقم طبية وإنسانية لاستقبال اللاجئين الروهينجيين والبنغاليين على شواطئ الدول الثلاث. وقال الناشط في تحالف المنظمات الإنسانية الماليزية “مابيم”، زعيم صدقي، إن اللاجئين يصلون في حالة يرثى لها من الناحية الصحية بعد أسابيع قضوها في البحر داخل قوارب متهالكة دون طعام أو شراب أو دواء أو صرف صحي، فضلًا عما يعانونه من معاملة سيئة أثناء رحلتهم الخطيرة.
وبحسب ما صرح به لاجئون روهينجيون للجزيرة نت، فإن أعدادًا من اللاجئين أجبروا على إخلاء قارب نقلهم من ميانمار، وسط توقعات بفرار نساء وأطفال من الشرطة التي تقوم باعتقالهم حال هبوطهم على الساحل إلى غابات تقع بجزر غير مأهولة حول جزيرة لانكاوي؛ وهو ما يثير قلق السلطات الماليزية والمنظمات الإنسانية، خاصة بعد الكشف عن مقابر جماعية للاجئين في تايلند خلال الأيام القليلة الماضية.
أما الفلبين، فهي الدولة الوحيدة التي اتخذت موقفًا إيجابيًا؛ إذ أعلنت استعدادها لاستقبال اللاجئين
بعد إعلان الفلبين عن استقبالها للاجئي الروهينجا المحاصرين في البحر حاليًا، هل ستتخذ باقي الدول الآسيوية والإسلامية حلولًا أخرى من أجل مساعدة تدفق اللاجئين في المستقبل؛ هربًا من الاضطهاد؟
إ.ع